Arabic News

المسلمون الهنود قاموا بدور في تنمية الديمقراطية

البرلمان الهندي (أرشيفية)

ثاقب سليم

يحتفل العالم باليوم العالمي للديمقراطية، ليؤكد على أهمية ونقاط القوة والضعف والجوانب الأخرى لهذا النظام الحكومي الأكثر شعبية. وفي الهند، وهي أكبر ديمقراطية في العالم، غالبًا ما يتم تضليل الناس حول التزام المسلمين الهنود تجاه إرساء الديمقراطية في البلاد. وينشأ هذا المفهوم الخاطئ، في الغالب، عندما يُعتبَر بعض المتعصبين المناهضين للديمقراطية ممثلين للمجتمع.

في الواقع، ظل المسلمون في طليعة المعارك التي دارت من أجل إقامة الديمقراطية في الهند. علينا أن نعرف أن حقوق التصويت المتساوية للمرأة الهندية قد تحققت في عام 1935م بعد معركة سياسية قادتها بيجوم جهان آرا شاه نواز. فإنها كانت الممثلة الوحيدة التي حضرت مؤتمرات المائدة المستديرة الثلاثة في أوائل الثلاثينيات، حيث تم إجراء المناقشات حول حكم ذاتي معين للهنود. وفي مؤتمرات المائدة المستديرة، أثارت بيجوم نقطة أنه ينبغي منح المرأة حقوقًا متساوية عند اختيار ممثّل للمجالس التشريعية.

وبعد انتهاء مؤتمرات المائدة المستديرة، بقيت بيجوم في إنجلترا وخلقت الرأي العام لصالح حقوق المرأة الهندية من خلال لقائها سياسيين بارزين في إنجلترا. وعندما تمت صياغة قانون حكومة الهند لعام 1935م أخيرًا، مُنحت المرأة الهندية حق التصويت.

كان انتصار بيجوم انتصارًا مهمًا ولكنه بعيدًا عما أرادته الهند. لم يُسمح إلا للأشخاص الذين لديهم مستوى معين من الأصول الاقتصادية أو التعليم بالإدلاء بأصواتهم. وعلاوة على ذلك، كان بإمكان المسلمين والسيخ التصويت لأخوانهم في الدين فقط، وهو نظام يسمى بنظام الناخبين المنفصلين. ألقى الزعماء المسلمون مثل كيه. إيه عبد الحميد ومولانا أبو الكلام آزاد وذاكر حسين وغيرهم باللوم على نظام الناخبين المنفصلين، في “نجاح” الرابطة الإسلامية. وكثيرًا ما ننسى أنه في عام 1946م، فازت الرابطة الإسلامية بأغلبية مقاعد المسلمين في ظل نظام لا يستطيع فيه أن يصوّت إلا الأثرياء، بينما لم يمكن أن يصوّت غالبية المسلمين الذين كانوا متخلفين.

وفي عام 1940م، وضع الباحث الإسلامي مولانا عبيد الله السندي خطة لمستقبل الهند. وطلب من أتباعه معارضة نظام الناخبين المنفصلين، النظام الذي لا يملك فيه حقَّ التصويت إلا النخبُ.

كتب السندي “من الواضح أن حزبنا سيعمل في مقاطعة ذات أغلبية مسلمة (السند)، لكنه سيعمل على مبادئ الناخبين المشتركين. إذا كان المسلمون جبناء لدرجة أنهم لا يستطيعون الفوز بثقة إخوانهم الهندوس والسيخ للفوز بالانتخابات ويحتاجون إلى عكازيات من ناخبين منفصلين، فيجب إنهاء هذا المجتمع”.

وخلال مناقشات الجمعية التأسيسية، طالب مولانا حسرت موهاني، الرجل الذي صاغ شعار “انقلاب زنده باد” بأن الجمعية التأسيسية المنتخبة على أساس ناخبين منفصلين لا ينبغي أن تصوغ دستور الهند الحرة. كان حسرت موهاني أحد أعضاء هذه الجمعية وعمل في لجنة الصياغة. وفي الرابع من نوفمبر عام 1948م، قدّم تعديلاً قال فيه أن”يؤجَّل النظر في مسودة دستور الهند حتى انتخاب جمعية تأسيسية جديدة ومختصة على أساس ناخبين مشتركين وتشكيل أحزاب سياسية بدلاً من أحزاب طائفية في الهند”.

عندما طُرح اقتراح بشأن تخصيص مقاعد للأقليات أمام الجمعية، عارض موهاني هذه الفكرة بشدة وأزالها. وقال “ليست هناك حاجة على الإطلاق للتخصيص بعد أن قدّمنا أحكامًا للناخبين المشتركين وحق التصويت للبالغين… على أساس طائفي، أنتم تجعلون نطاقه محدودًا كما قلتم بالفعل إنكم تودون إعطاء تخصيصات للمسلمين لأنهم أقلية… لماذا تسمون المسلمين أقلية؟ لا يمكن وصفهم بأنهم أقلية إلا عندما يعملون كهيئة طائفية. طالما كان المسلمون في الرابطة الإسلامية، فهم كانوا أقلية. لكن إذا اختاروا تشكيل حزب سياسي دون أي قيود، وتركه مفتوحًا لأي مجتمع، فعليكم أن تتذكروا أنه كلما تم تشكيل الأحزاب السياسية، فإن المسلمين سينافسون من خلال تشكيل ائتلافات”.

وفي عام 1951م، بعد أن اُعتمد دستور الهند، أكّد مولانا حسين أحمد المدني في خطابه الرئاسي أمام “جمعية علماء الهند”، وهي واحدة من أكبر هيئة علماء المسلمين، أن البلاد اعتمدت الآن نظامًا تتساوى فيه الحقوق السياسية لكل فرد بغض النظر عن العقيدة، لذلك يجب على كل مسلم تعزيز هذه الديمقراطية. وإنه اعتقد بأن العلماء المسلمين يمكنهم تعليم المسلمين وإرشادهم بطريقة تجعلهم يعملون من أجل الهند العلمانية والديمقراطية.

هنا، القائمة طويلة. وقد سعيت أن أبيّن أن كل نوع من المسلمين الهنود البارزين -النساء والعلماء والاشتراكيين- قد بذلوا جهودهم لجعل الهند أكبر ديمقراطية.

مواد مقترحة