Arabic News

باكستان وتركيا: الجمع بين السلطة والدين تجربة خطِرة

صورة تعبيرية

الدكتور شجاعت علي القادري

نشأ أكبر كمسلم سني ولكنه كان منفتحًا على الديانات الأخرى، وأراد إنشاء مجتمع متعدد الديانات. وكان أكبر يعتقد بأن جميع الأديان لديها ما تقدّمه وأنه من الممكن إيجاد أرضية مشتركة فيما بينها. ودعا أكبر العلماءَ ورجال الدين من مختلف الأديان إلى بلاطه. ويعد أكبر أول إمبراطور علماني معروف في تاريخ البشرية. اليوم، يتميز الطابع السياسي والاقتصادي للهند بأكبر. والأهم من ذلك، فإن أكبر قد شكّل الدولة بطريقة لا تصبح عائقًا أمام الدين وفي نفس الوقت لن تسمح للدين بالتدخل في سير عمل الدولة. ونتيجة لذلك، أصبحت الهند أكثر دول العالم غناء وقوة وازدهارًا وليبرالية.

وقبل وفاة أكبر بخمس سنوات، أي في عام 1600م، كانت مساهمة الناتج المحلي الإجمالي للهند في الاقتصاد العالمي 24.40 في المئة، وهي الأعلى في تاريخ الهند. اليوم في عام 2023م، لم تتمكن حتى القوة الاقتصادية العالمية أمريكا من الوصول إلى هذا الرقم ونصيبها هو 24 في المئة فقط. ألم يجعل موقف أكبر الليبرالي والعلماني الهند طائرًا ذهبيًا لا يزال يبدو أكبر من أمريكا في التاريخ الاقتصادي للعالم؟ وتعد الهند اليوم خامس أكبر اقتصاد في العالم، ولكن حصتنا في الناتج المحلي الإجمالي العالمي لا تتجاوز 3.28٪.

وإندونيسيا هي الدولة التي تضم أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم، ولكن نظرًا لطبيعتها والليبرالية والإصلاحية والعلمانية الشاملة، يجب ملاحظة تقدُّمها. وتحتل إندونيسيا المرتبة الـ16 في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي والمرتبة الـ7 في الناتج المحلي الإجمالي من خلال تعادل القوة الشرائية. وإنها أكبر قوة اقتصادية في جنوب آسيا. وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2025م، ستنمو إندونيسيا بـ 130 مليار دولار. وتبلغ مساهمة إندونيسيا في النظام الاقتصادي العالمي 1.25 في المئة. وإنها حقيقة مفهومة أن لديها أكبر عدد من المسلمين من حيث عدد السكان وكذلك هي أكبر اقتصاد بين الدول الإسلامية. فإن تركيا والمملكة العربية السعودية أيضا تحت إندونيسيا.

ومثال بنغلاديش فريد من نوعه. فإن بنغلاديش التي عرفناها بسبب الجوع والفيضانات والتسلل والجرائم هي اليوم واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم. وكانت بنغلاديش في حالة سيئة للغاية بعد انفصالها عن باكستان. اليوم، تحتل بنغلاديش المرتبة الـ 37 في قائمة أكبر الاقتصادات في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، بينما تحتل باكستان المرتبة الـ 42. ويبلغ معدل النمو في بنغلاديش 5.5 في المئة وفي باكستان 0.5 في المئة. وبسبب الإصلاحات السياسية للشيخة حسينة والتقدم الاقتصادي ونقل التكنولوجيا للهند، تعمل بنغلاديش على سد فجوات التنمية، بينما تتجه باكستان باستمرار إلى الحضيض بسبب موقفها العنيد والعدواني. والسبب الأكبر وراء ذلك يعتمد أيضًا على موقف الدولة من الدين. فإن بنغلاديش سيطرت باستمرار على الأصولية، وركزت على التقدم الاقتصادي وأبعدت السلطة عن الدين. ولا يمكن أن تقوم باكستان بمثل هذه الإصلاحات السياسية.

وبالعكس، كيف حفرت تركيا قبرها هو أيضًا مثال يستحق المشاهدة. وكانت أخبار التعاملات المزعومة لبلال أردوغان نجل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومساعدته من تنظيم الدولة الإسلامية قد أعلنت مستقبل تركيا في حالة يرثى لها. وبين عامي 2021 و2022م فقط، ارتفع معدل التضخم في تركيا إلى 78.60٪. وكان تأثير الضرر الذي لحق بصورة تركيا الدولية هو أن الدولة التي لديها ليرة تركية واحدة مقابل دولار واحد بدأت في دفع 20 ليرة مقابل دولار أمريكي واحد في غضون 20 عامًا فقط. ويمكنكم أن تتخيلوا مدى عمق تضرر الوضع الاقتصادي في تركيا. وفي تركيا، ارتفعت أسعار الكهرباء بنسبة 57 في المئة في السنوات الأربع الماضية، وبلغ معدل البطالة 27 في المئة. ولكن أردوغان يعتقد بأنه يمكن أن يخدع تركيا باسم الإسلام.

اليوم فإن الوضع السياسي لأردوغان سيء للغاية، والذي قد نشأ من تجربته السياسية الفاشلة حيث حاول الجمع بين السلطة والدين. وقد تفهم تركيا وباكستان اللتان تعانيان من بطالة رهيبة أن شؤون البلدان يتم إدارتها بخطط مستقبلية ليس بالعيش في التاريخ.

(الكاتب هو رئيس منظمة الطلاب المسلمين في الهند. والآراء شخصية)

مواد مقترحة