تُعد رئاسة الهند لمجموعة العشرين لحظة فاصلة، حيث تساعد البلاد في تشكيل عدد من القضايا العالمية، من بينها إصلاح بنوك التنمية متعددة الأطراف، وضم الاتحاد الإفريقي والتركيز على العمل المناخي. وبصفته الشخصية المركزية التي تدفع مجموعة العشرين إلى الأمام هذا العام، نجح رئيس الوزراء ناريندرا مودي في ضمان أن تؤدي الهند دورًا محوريًا في معالجة اهتمامات الجنوب العالمي.
قال رئيس الوزراء ناريندرا مودي في مقابلة أجرتها معه صحيفة “بِيزنِيس تودي” إن مجموعة العشرين هذه تعكس صوت واهتمامات الجنوب العالمي، وتعطي مجموعة العشرين زخمًا للتنمية التي تقودها النساء. وستؤدي التكنولوجيا دورًا كبيرًا في المستقبل، ومجموعة العشرين هذه ستحقق قفزات هائلة في مجالات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية العامة الرقمية.
وتعطي رئاستنا الأولويةَ لتعبئة الموارد لتمويل مكافحة تغير المناخ، وتخصيص الدعم للتحولات بما يتناسب مع احتياجات كل بلد على حدة. واعترافًا بالحاجة إلى التكنولوجيا الخضراء المبتكرة، فإننا نؤكد الحلول والسياسات والحوافز المالية لتحفيز الاستثمار الخاص في تطوير ونشر الحلول منخفضة الكربون.
وأضاف مودي أن الهند تدعو تحت رئاستها لمجموعة العشرين إلى مجموعة متنوعة من السياسات العالمية بشأن التحول، ما يسمح للبلدان بالاختيار من بين استراتيجيات التسعير المختلفة وغيرها من الخطوات غير المالية، من ضرائب الكربون إلى معايير التكنولوجيا الخضراء، والتي تستند على الوضع المختلف لكل دولة على حدة.
وعلاوة على ذلك، أثبتت تجربة الهند أن التحول الحقيقي لا يأتي إلا من الحركات الجماهيرية، ومن مشاركة الناس. تسعى مهمتنا “نمط الحياة من أجل البيئة (LiFE) إلى مكافحة تغير المناخ خلال التركيز على تغيير نمط الحياة عند الشعوب. وعندما يعلم كل فرد أنه قادر على إحداث تغيير مباشر في سلامة الكوكب، فإن النتائج سوف تكون ذات انتشار أوسع بكثير.
وذكر مودي أن مجموعة العشرين أعطت الأولوية لمعالجة نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل منذ عام 2021م. ويعتمد تحقيق أجندة أهداف التنمية المستدامة لعام 2030م على التقدم الذي تحرزه هذه البلدان، ومع ذلك فإن توفية الديون تعيق جهودها، ما يحد من الحيز المالي للاستثمارات في أهداف التنمية المستدامة.
وفي عام 2023م، تحت رئاسة الهند، أعطت مجموعة العشرين دفعةً كبيرةً لإعادة هيكلة الديون من خلال الإطار المشترك. وقبل قيادة الهند، كانت دولة تشاد فقط هي التي خضعت لعملية إعادة هيكلة الديون ضمن هذا الإطار. وبفضل جهود الهند، فقد حققت زامبيا، وإثيوبيا، وغانا تقدمًا ملحوظًا.
وأدت الهند دورًا محوريًا، باعتبارها دائنًا رئيسًا وخارج الإطار المشترك، قامت منتديات مجموعة العشرين بتيسير تنسيق إعادة هيكلة ديون سريلانكا، مع لجنة ترأستها الهند واليابان وفرنسا.
وشهدت الرئاسة الهندية أيضًا انطلاق اجتماع المائدة المستديرة العالمية للديون السيادية، التي شارك في رئاستها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ورئاسة مجموعة العشرين. ويهدف اجتماع المائدة المستديرة إلى تعزيز التواصل والفهم المشترك بين أصحاب المصلحة الرئيسين، سواء داخل الإطار المشترك أو خارجه، لتسهيل المعالجة الفعالة للديون.
وفي ما يتعلق بجدول أعمال بنك التنمية متعدد الأطراف، قال مودي إن الجهود التي كانت تبذلها مجموعة العشرين، حتى وقت قريب، تركز في المقام الأول على كيفية تحسين ميزانياتها حتى تتمكن من استخدام مواردها الحالية بأقصى قدر من الفعالية.
ومع ذلك، منذ ظهور الوباء، كان هناك إدراك لحاجة بنوك التنمية متعددة الأطراف إلى دمج التحديات العالمية، مثل تغير المناخ والأوبئة، وما إلى ذلك، ضمن منهجهم التنموي الأساسي. وسيتطلب ذلك إصلاح الأطر الحالية لوظائف بنوك التنمية متعددة الأطراف وتوسيع مواردها المالية الحالية، وهذه حاجة محسوسة في جميع أنحاء الجنوب العالمي.
لقد تمكنا خلال رئاستنا من إدارة هذه القضية بفعالية. وخلافًا للسابق، تأتي الآن الدعوة إلى إصلاح بنوك التنمية متعددة الأطراف من المساهمين به أنفسهم، وقد أكد هذا أهمية الأجندة الخاصة ببنك التنمية متعدد الأطراف التي تطرحها الرئاسة الهندية. والآن أصبح المساهمون في بنوك التنمية متعددة الأطراف يدركون أهمية هذه القضية.
وأنشأت الرئاسة فريق الخبراء المستقل لمجموعة العشرين المعني بتعزيز بنوك التنمية متعددة الأطراف. وتضم المجموعة بعضًا من أفضل العقول العالمية في مجال التخطيط المالي الدولي. وقد قدم الفريق المجلد الأول من تقريره، وسيقدم المجلد الثاني في أكتوبر.
وأشار مودي إلى أن توصيات فريق الخبراء تعكس إلى حد كبير أفكار الهند بشأن تعزيز القوة المالية لبنوك التنمية متعددة الأطراف، وزيادة مستويات الإقراض لتحقيق المنهج الأساسي المتمثل في القضاء على الفقر وتعزيز الرخاء المشترك، إلى جانب معالجة التحديات العالمية الناشئة. ومن خلال هذا التقرير والحوارات الرامية إلى بناء الإجماع، قامت الهند بشكل فعال بدمج أولويات الجنوب العالمي في المحادثة العالمية الأكبر حول إصلاحات بنوك التنمية متعددة الأطراف.
وقال مودي إن النمو الشامل هو الشرط الأول لتحقيق العدالة الاجتماعية، ويحتاج النمو الشامل إلى التنفيذ في المرحلة الأخيرة. لقد أظهرت الهند أن التكنولوجيا يمكن أن تكون عاملاً تمكينيًا كبيرًا لضمان التسليم للوجهة الأخيرة. لقد ساعدت التكنولوجيا الهند على تحقيق هدف تقديم الرعاية الاجتماعية.
وكان استخدامنا للتكنولوجيا يهدف إلى تحقيق النمو الشامل وإضفاء الطابع الرسمي. أدى استخدام التكنولوجيا في المناطق الفقيرة إلى تحسن كبير في مختلف المؤشرات. ولم يؤدِ ذلك إلى تحسين إضفاء الطابع الرسمي فحسب، بل أدى أيضًا إلى توافر الائتمان ميسور التكلفة وغيره من التسهيلات للفقراء.
واليوم، هناك اعتراف عالمي بنجاح الهند في تعزيز واستخدام البنية التحتية العامة الرقمية لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية لشعبنا.
ومثال بارز على نجاح سياساتنا هو أن 46% من عمليات الدفع الرقمية العالمية تتم الآن في الهند. وينظر العالم اليوم إلى الهند باعتبارها حاضنة للإبداع.
ولقد أعرب الخبراء العالميون عن تقديرهم لاستخدام الهند للبنية التحتية العامة الرقمية، وليس هذا فحسب، بل إنني أشعر أيضًا باهتمامهم الكبير بها خلال اجتماعاتي مع زعماء العالم.
وتمتلك البنية التحتية العامة الرقمية في الهند مجموعة متنوعة من المنتجات التي تجد فائدة في كل من الجنوب العالمي والعالم المتقدم. وإن العديد من البلدان مهتمة بالتعلم من تجربتنا، ولقد نجحنا في إطلاق مبادرات التعاون المشترك مع ما لا يقل عن اثنتي عشرة دولة.
وأوضح مودي أننا نعمل مع دول مجموعة العشرين لتسريع التنمية العالمية من خلال الاستفادة من التكنولوجيا، وخاصة تعزيز مفهوم المنافع العامة الرقمية من خلال نهج مشترك للبنية التحتية العامة الرقمية. وقد حظي هذا بتقدير عميق من جانب أعضاء مجموعة العشرين بشكل عام، ونحن على ثقة من أن الشعبية المتزايدة للبنية التحتية العامة الرقمية في الهند سوف تقطع شوطًا طويلاً في تسريع الشمول المالي العالمي وسهولة المعيشة.
وتابع مودي أننا يهمنا أمر بلدان الجنوب العالمي، ولدي اعتقاد راسخ بأننا بحاجة إلى إعطاء أهمية للعالم النامي إذا أردنا إحراز تقدم في جدول أعمال التنمية العالمية. وإذا أكرمناهم، واستمعنا إليهم، وفهمنا أولوياتهم، فسيكون لديهم القدرة على المساهمة في الصالح العالمي، فعندما كنتُ كبير الوزراء لولاية غوجارات، قمت للمرة الأولى باستضافة قمة بنك التنمية الإفريقي في أحمد آباد. وكانت هذه أيضًا المرة الأولى التي يعقدون فيها اجتماعهم خارج إفريقيا، وكان نجاحًا كبيرًا.
وهذه المرة، قررنا الإبقاء على مبدأ “فاسودهايفا كوتومباكام” (أرضنا واحدة، عائلتنا واحدة، ومستقبلنا واحد) شعارًا لرئاستنا لمجموعة العشرين؛ لأنه يقوم على إيماننا الأساسي ومبادئنا.
إذا لم نشمل البلدان النامية، فكيف يمكننا تحقيق فاسودهايفا كوتومباكام؟ كيف يمكن أن تكون هناك أرض واحدة، عائلة واحدة، مستقبل واحد؟
ولهذا السبب، بعد تولي رئاسة مجموعة العشرين، كان الحدث الأول الذي عقدته هو قمة صوت الجنوب العالمي في يناير من هذا العام. وبعد الاستماع إليهم، وفهم أولوياتهم واهتماماتهم، قمنا بوضع جدول أعمال رئاستنا لمجموعة العشرين. لقد قمنا بإدراج أولويات الجنوب العالمي على جدول أعمال مجموعة العشرين، وقد أحرزنا تقدمًا.
وبهذه الروح اتخذت زمام المبادرة لجعل الاتحاد الإفريقي عضوًا دائمًا في مجموعة العشرين خلال رئاستنا. وأنا واثق من أننا سنتلقى الدعم لتحقيق الشيء نفسه، وهذا سيجعل مجموعة العشرين أكثر تمثيلاً ويعطي صوتًا أكبر للجنوب العالمي.
وعندما تشعر الدول أن وجهات نظرها وهمومها وقضاياها لا تؤخذ في عين الاعتبار عند اتخاذ القرارات يتم تقويض النظام العالمي.
ونحن لدينا قناعة راسخة بأنه من دون مشاركة العالم النامي وسماع صوته، لا يمكن إيجاد حلول مستدامة للتحديات العالمية.
ولم تحظَ إفريقيا، على وجه الخصوص، بالاعتراف والمكانة اللائقين بها عندما يتعلق الأمر بمؤسسات الحوكمة العالمية. وتتمتع الهند وإفريقيا بعلاقة خاصة للغاية، وكانت الهند من أشد المدافعين عن دور أكبر لإفريقيا في الشؤون العالمية.
واختتم رئيس الوزراء مودي بالقول إنه خلال رئاستنا لمجموعة العشرين، اتخذنا زمام المبادرة للحصول على مقعد دائم للاتحاد الإفريقي في مجموعة العشرين، ونعتقد بأن اقتراحنا سيحظى بدعم الأعضاء الآخرين في المجموعة.
ونعتقد بأن هذه الخطوة ستمكن القارة الإفريقية من التعبير بشكل أفضل عن اهتماماتها ووجهات نظرها على المستوى العالمي، وأداء دور مهم في تشكيل النظام العالمي.