قال مفتي جمهورية مصر العربية الدكتور شوقي علام إن الإسلام الذي تعلمناه وتربينا عليه دين يدعو إلى السلام والرحمة، وأول حديث نبوي يتعلمه أي طالب للعلم الديني: “من لا يرحم لا يُرحم، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”.
وأضاف الدكتور علام في خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع الفتوح الواقع في ولاية كيرالا أن السواد الأعظم من المسلمين عبر تاريخ الإسلام الطويل قد انخرطوا في تنمية مجتمعهم وبناء شخصية صالحة، وقد أوضح ذلك القرآن: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ” [الذاريات: 56]، هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها”.
وأوضح المفتي أن القرآن الكرام به ما يزيد على 6000 آية، تتعلق 300 منها فقط بالتشريع والباقي متصل بإنشاء شخصية ذات خلق حسن، وبالمثل هناك ما يربو على 60000 حديث تتصل 2000 منها بالأمور التشريعية والباقي يتناول الشخصية الخلوقة، والرسول عند المسلمين موصوف بأنه رحمة أرسلت للعالمين.
وأكد الدكتور علام على أن رسالة المسلم كما بيَّنها القرآن الكريم تتمثَّل في الوسطية “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا”، قائلًا: “يجب علينا أن نساعد في إعادة تقويم البوصلة الأخلاقية، وفي وضع أجندة أخلاقية جديدة قوامها التراحم والتعاون على البر والتقوى”.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن الإسلام هو دين العمل، ودين الحركة الدءوب الرامية إلى تحسين جودة الحياة كي ينعم كل من حولنا بحياة آمنة ومستقرة.
ووجَّه مفتي الجمهورية، خلال خطبة الجمعة، عدة رسائل مهمة للمسلمين في الهند، حثَّهم فيها على ضرورة الاندماج الإيجابي في مجتمعهم مع الحفاظ على هُويتهم وثوابتهم الدينية، مشددًا على أن الإسلام قد أرسى قواعد وأسسًا للتعايش مع الآخر في جميع الأحوال والأزمان والأماكن، بحيث يحيا المسلمون في تناسق واندماج مع العالم الذي يعيشون فيه، بما يضمن تفاعلهم مع الآخر وتواصلهم معه دون تفريط في الثوابت الإسلامية.
وأوضح فضيلته أنه على نهج تلك الأسس ووفق هذه الثوابت يمضي المسلمون قدمًا في رسم الحضارة الإنسانية ومعايشة المستجدات التي تطرأ عبر التاريخ، وقد ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنا نماذج للتعايش مع الآخر داخل الدولة الإسلامية وخارجها.
وشدّد مفتي الجمهورية على مبدأ المسؤولية المشتركة التي تحتِّم على الجميع مسلمين وغير مسلمين التعاون على البر والتقوى، ومواجهة التحديات ونزع فتيل الأزمات وبناء جسور السلام والمحبة بين كافة أطياف المجتمع، مستشهدًا بحديث السفينة الذي يعلِّمنا أن الأوطان بجميع من فيها عبارة عن سفينة واحدة، وهذه السفينة تصل إلى غايتها ومبتغاها سالمةً غانمة بفضل تعاون أبنائها على البر والخير وصنائع المعروف، وتنجو أيضًا بمحاربة أوجه الخلل والفساد والقصور التي قد تكون عند بعضهم، وعلى الأخذ بقوة القانون على أيدي السفهاء والمفسدين الذين قد تؤدي أفكارهم الفاسدة إلى إغراق السفينة وإلى عدم وصولها إلى بَرِّ السلامة والأمان.