Arabic News

لماذا عودة إيران إلى حظيرة سياسة الهند الخارجية؟

رئيس الوزراء مودي يلتقي بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على هامش منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند

أدّى التطوران اللذان حدثا أخيرًا، إلى إدخال أهمية إيران الاستراتيجية في حظيرة سياسة الهند الخارجية. وفقًا للتقارير، تقترب إيران والهند من الانتهاء من الترتيبات طويلة الأجل لتشغيل ميناء تشابهار.

ثانيًا: أصبحت إيران عضوًا في منظمة شنغهاي للتعاون التي انعقدت قمتها في سمرقند بأوزبكستان الأسبوع الماضي. وإن الإبرام المحتمل للاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية لن يؤدي إلا إلى تأكيد الأهمية المتزايدة لإيران في الجغرافيا السياسية لأوراسيا ومنطقة الخليج العربي والهند.

يُعدّ الموقع الجغرافي المحوري لإيران وروابط الاتصال المحتملة التي يمكن أن تقدّمها أحدَ أهم الأصول. فإن الموانئ الإيرانية مثل بندر عباس وتشابهار هي نقاط عبور رئيسة للممرات التجارية التي تربط الهند والمحيط الهندي بآسيا الداخلية.

إن الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب الذي يظل في الخطاب الاستراتيجي منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، دون إحراز تقدم كبير، انبعثت فيه الحياة فجأة مع الحرب الروسية الأوكرانية. وفي الآونة الأخيرة، تم إجراء تجربة جزئية لطريق الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب بنجاح.

يعد ميناء بندر عباس عقدة موصلة رئيسة للممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب، والذي سيربط الساحل الغربي للهند بروسيا عبر ممرات النقل المارة عبر إيران والقوقاز ومنطقة بحر قزوين. وفي بعض الأحيان، يتم عرضه كطريق بديل لتجاوز قناة السويس والذي سيوفر الوقت أيضًا. ومع المحاولات الغربية لعزل روسيا وفرض عقوبات عليها، لا يمكن تقويض الدور الحاسم للممرات مثل الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب.

كان يتم تطوير ميناء تشابهار ليكون نقطة دخول للهند للوصول إلى آسيا الوسطى وأفغانستان. قامت الهند بالفعل بشحن المواد الغذائية والأدوية إلى أفغانستان عبر طريق تشابهار. أدّى استيلاء طالبان على السلطة في أفغانستان إلى تغيير الديناميكيات الاستراتيجية فيما يتعلق بتشابهار. بدأت المناقشات حول الميناء، ومع عودة الهند إلى أفغانستان، من المرجح أن يزداد دور تشابهار أكثر. سوف يربط تشابهار جنوب أفغانستان بالهند، وربما يكون مفيدًا للوصول إلى الفصائل داخل طالبان التي لها نفوذ في المنطقة المحيطة بقندهار.

في هذا السياق لممرات الربط الناشئة، تبرز إيران كمحور يربط القوقاز وروسيا وكذلك أفغانستان غير الساحلية وآسيا الوسطى بالهند. يمكن أن يكون هناك شريانان رئيسان لممرات الربط التي تمر عبر إيران والتي ستشكل روابط نقل على شكل حرف “V”: أحدهما سيصل إلى أفغانستان ودول آسيا الوسطى، بينما سيصل الآخر إلى منطقة القوقاز والبحر الأسود. إيران هي نقطة الوصل لشكل “V” حيث سيجتمع الممران معًا. ستفتح التجارة المتنامية بين الدول الواقعة على طول هذه الممرات فرصًا لتطوير البنية التحتية بالإضافة إلى تعميق العلاقات الاستراتيجية والاقتصادية. وستكون الهند قادرة على الاستفادة من الفرص ليس فقط للتجارة ولكن لبناء البنية التحتية على طول هذين المحورين.

ستضيف عضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون مزيدًا من التعزيز إلى ممرات النقل هذه. يُعتبر دور إيران حاسمًا كعقدة رئيسة للربط ولتطور الهياكل الأمنية الإقليمية في سياق أفغانستان التي تسيطر عليها طالبان. وعلاوة على ذلك، ستضيف العضوية الإيرانية مزيدًا من الأهمية إلى منظمة شنغهاي للتعاون. ومع انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون، ستكون جميع القوى الأوراسية الكبرى جزءًا من المجموعة.

في هذه الجغرافيا السياسية المتطورة، يتعين على الهند أن تجد طرقًا لتعميق العلاقات مع إيران التي تجمدت منذ إطلاق حملة “الضغط الأقصى” لإدارة ترامب في 2018-2019م. طلبت إيران بالفعل من الهند شراء النفط باستخدام نفس الأساليب التي تستخدمها لشراء النفط من روسيا. سيساعد النفط الإيراني الوارد في ضمان أمن الطاقة للهند وتخفيف الضغط الناجم عن ارتفاع أسعار النفط والذي قد يساعد بدوره في خفض التضخم المحلي أيضًا.

وبالتالي، فإن إيران مهمة لمصالح الهند الاستراتيجية والاقتصادية والطاقة. ويعد الاجتماع بين رئيس الوزراء مودي والرئيس الإيراني على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون بداية جيدة.

مواد مقترحة