Arabic News

سِيما حَيدر: الحب في زمن الكراهية وعدم التسامح

ساتشين مِينا من الهند وسِيما حيدر من باكستان

نيودلهي: راهول كومار

لم يمض سوى ثلاثة أسابيع، وفي تلك الأيام القليلة، هدّد الإسلاميون في باكستان بقصف المسيحيين، وألحقوا أضرارا بمساجد الطائفة الأحمدية، وهاجموا طائفة السيخ، وقتلوا الشيعة، وحاليا، يهدِّدون الهندوس.

إذن، ما هو آخر استفزاز للمتعصبين في باكستان؟

فآخر الحدث هو قصة الحب لـ”سِيما حيدر”. وهي امرأة جسور كتبت قصة مغامرة جريئة تحدث مرة واحدة في العمر، عن طريق الفرار من زوجها الذي يسيء معاملتها في كراتشي لتتحد مع صديق الروح لها ساتشين مِينا في الهند. وبدأت قصة سيما عبر لعبة “بابجي” الشهيرة على الإنترنت حيث وقعت سيما في حب ساتشين، فجاءت إلى دبي، وغادرتها إلى كاتماندو بنيبال، ثم دخلت الهند بشكل غير قانوني لتتزوج ساتشين مِينا في الهند.

والمتطرفون في باكستان غاضبون من رؤية امرأة باكستانية مسلمة تتزوج من هندوسي هندي، والتي غيرت دينها أيضًا. وهناك عديد من قصص الحب بين الأديان مثل قصة فاطمة بوتو -الكاتبة والناشطة وحفيدة ذو الفقار علي بوتو، والتي يمكن أن تفتح العقول المنغلقة.

والمتطرفون الباكستانيون مرتاحو البال لاختطاف فتيات هندوسيات في الثالثة عشرة من العمر، وتحويلهن قسرًا وتزويجهن من رجال مسلمين مسنين. وإنهم راضون عن استخدام العنف والإكراه لتحويل عائلات بأكملها من الديانات الهندوسية والمسيحية إلى الإسلام.

<iframe src=”https://www.rferl.org/embed/player/0/31207991.html?type=video” frameborder=”0″ scrolling=”no” width=”640″ height=”360″ allowfullscreen></iframe>

ولقد هدمت قصةُ سِيما صرحًا عمره 75 عامًا تم بناؤه على كراهية وترهيب الأقليات. وتؤدي عمليات التحويل الديني القسري دورًا مهمًا في هذا، حيث انخفضت نسبة الأقليات في باكستان من 23 في المئة في عام 1947م إلى  3 في المئة فقط بحلول عام 2016م، ولا تزال تتراجع هذه النسبة.

بينما أحدثت شخصية سيما الصريحة وهروبها المُذهل من باكستان مجموعة من نظريات المؤامرة بين الجماعات الهندوسية في الهند، فقد أدت أيضًا إلى رد فعل عنيف بين الإسلاميين.

وكتب الصحفي الباكستاني ديليب كومار خاتري على تويتر يوم الأحد أن عصابة من اللصوص هاجمت منازل المجتمع الهندوسي ليل السبت بصاروخ وأطلقت عشوائيًا. ووقع هذا الحادث بعد أيام من تهديد عصابة لصوص في باكستان باغتصاب الهندوس ومهاجمة المعابد إذا لم تعد سِيما حَيدر إلى باكستان وإلى دينها الأصلي. فإن الهندوس المذعورين لا يقومون بزيارة المعابد بعد أن نشر عصابة اللصوص مقاطع فيديو مليئة بالتهديدات ضد النساء الهندوسيات.

وداخل الهند أيضًا، لا تشعر سيما حيدر وأطفالها الأربعة وساتشين- زوجها الآن- بأمان، في حدود قريتهم، من الإسلاميين الذين يشعرون بالغضب من تخليها عن دينها الأصلي. وقامت شرطة أوترا براديش الآن بنشر أفراد الأمن لحماية سِيما وساتشين من هجمات محتملة من قبل المتطرفين.

وفي مومباي -بعيدًا عن منزل سِيما في كراتشي ومنزل مِينا في غِرِيتَر نُوِيدا- يتم تنبيه الشرطة إلى تكرار هجمات مومباي عام 2008م. وحذّر المتصل تليفونيا، الذي اتصل من دولة أجنبية وتحدث باللغة الأردية، من هجوم إرهابي إذا لم تعد سِيما إلى باكستان.

وتشتهر السند -القوة الاقتصادية لباكستان- بعمليات التحويل القسري للفتيات القاصرات من الديانتين الهندوسية والمسيحية بقدر ما تشتهر بأعمالها المزدهرة.

وإن عمليات خطف الفتيات القاصرات واغتصاب نساء الأقليات والزواج القسري هي وباء حظي بموافقة صامتة من قبل النخبة في البلاد – ليس فقط السياسيين ولكن أيضًا المدافعين عن حقوق الإنسان. ولقد أدان عدد قليل من النخبة، سواء من المدافعين عن حقوق الإنسان أو النسويين الذين يحتجون على الاختفاء القسري، عمليات الاغتصاب والتحويل والزواج للفتيات الهندوسيات في سن 11 عامًا من رجال مسلمين يبلغون من العمر 50 عامًا. ولم تناقش وسائل الإعلام الباكستانية، التي كانت صريحة في بعض الأحيان، هذه القضية.

ويتم الاحتفال بالتحول الديني للأقليات تحت تهديد السلاح بين الجماهير. ويتم تكريم المجرمين مثل مِيان مِيثُو من قبل القادة السياسيين. ولم يجبر الجدل الحاد حول قصة الحب بين سيما وساتشين الجماهير الباكستانية على النظر في الداخل. ولا يزال الباكستانيون لا يناقشون سبب اختطاف ثلاث إلى أربع فتيات المدارس الهندوسية والمسيحية وتحويلهن إلى الإسلام كل يوم.

ولا تناقش الجماهير الباكستانية لماذا ترهب الشرطة عائلات الضحايا وتجبرها على التحول إلى الإسلام، ولماذا تعلن المحاكم فتيات الأقليات القاصرات كبالغات ولماذا يسلم القضاة فتيات الأقليات إلى المغتصبين.

فإن سيما حيدر تحمل المرآة للمجتمع الباكستاني. ولقد أثبتت أن عمليات التحويل القائمة على الدين ليست طريقًا باتجاه واحد وأن المرأة المسلمة أيضًا يمكنها التعبير عن حبها دون خوف. ورسالتها الموجهة إلى الهنود الذين يشككون ويناقشون هذه القصة للحب هي أنه يمكن تأييد قصة حب عبر الحدود لأنها تحمل رسالةً للانسجام بين الأديان.

مواد مقترحة