محمد سليمان هو استراتيجي بارز معروف بصياغة الاستراتيجية والرؤية الكامنة وراء مبادرة I2U2 (وهو تجمع يتكون من الهند وإسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية) وتقديم تحليل شامل لمشاركة الهند في الشرق الأوسط. ويعمل أيضًا كمدير لمعهد الشرق الأوسط، حيث يستكشف تقاطع التكنولوجيا والجيوسياسية والأعمال في المنطقة.

في هذه المقابلة، قدّم محمد سليمان بعض الأفكار حول الزيارة المهمة التي اختتمت مؤخرًا لرئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى القاهرة.

كيف تقيّم زيارةَ رئيس الوزراء مودي إلى القاهرة ونتائج هذه الزيارة؟

إن زيارة رئيس الوزراء مودي مهمة للغاية، ليس فقط بسبب ندرة حدوثها بعد توقف دام أكثر من عقدين، ولكن أيضًا نظرًا لدورها المهم في تشكيل إطار جديد للعلاقات الثنائية بين مصر والهند في حقبة ما بعد الحرب الباردة. وهذه الزيارة بمثابة شهادة قوية على الروابط الدائمة التي تربط بين شعبي الهند ومصر، مما يدل بوضوح على حيوية ومرونة علاقاتهما. وعلاوة على ذلك، فإن وجود مودي في الأهرامات الشهيرة، برفقة رئيس الوزراء المصري، هو بمثابة رمز قوي لإحياء الصلات التاريخية والثقافية العميقة التي ازدهرت بين هذه الحضارات العظيمة. وفي الواقع، تتجاوز علاقاتهما الحدود التقليدية للسياسة الدولية.

كانت هناك توقعات ببعض التقدم في بيع طائرات تيجاس المقاتلة الخفيفة والمروحيات والصواريخ التي أبدت مصر اهتمامًا بها، ولكن هذا لم يحدث. فهل أعادت مصر التفكير في هذا الاهتمام؟

تتضمن صفقات الدفاع اعتبارات معقدة تشمل الأمن والتمويل والآثار الاستراتيجية، مما يستلزم جدولًا زمنيًا طويلاً للانتهاء منها. وتناقش مصر بنشاط مع شركة هندوستان للملاحة الجوية المحدودة (HAL) لتأمين عقد لشراء 35 طائرة مقاتلة خفيفة من طراز تيجاس لقواتها المسلحة. وتشمل الصفقة تسليم الطائرات ونقل التكنولوجيا الشامل لتمكين الإنتاج المحلي في مصر. وتُثبت مصر، من خلال قدراتها القوية لسلاح الجو، أنها شريك مناسب للتعاون الدفاعي، حيث تقدّم وسيلة بديلة تتجاوز الخيارات الغربية والصينية والروسية في التكنولوجيا والجيوسياسية. ويحمل التنفيذ المحتمل لصفقة تيجاس أهميةً كبيرةً، حيث يعزّز العلاقات العسكرية بين الهند ومصر ويعزّز صناعة دفاعية مستقلة، لا سيما في مجال الطيران. وإن شبكة التحالفات الدفاعية المتوسعة لمصر في إفريقيا تجعلها بوابة محورية لقدرات الهند الدفاعية المتنامية، مما يتيح الوصول إلى الأسواق الجيوسياسية الرئيسة. وتمثل إفريقيا هدفًا أساسيًا لتقدم الهند وحضورها المتزايد.

ما توقعات مصر من الهند؟ لماذا تكون العلاقة المصرية-الهندية مثيرة لأبناء مصر؟

تقر مصر بالأهمية المتزايدة لتوسع نفوذ الهند في آسيا والعالم، من حيث الاقتصاد والمكانة الجيوسياسية على حد سواء. ونتيجة لذلك، أصبحت دلهي في وضع يمكنها من أن تصبح شريكًا مهمًا واستراتيجيًا للقاهرة. وتهدف مصر إلى تجاوز نيجيريا وترسيخ مكانتها كأكبر اقتصاد في إفريقيا، وبالتالي تعزيز مكانتها في القارة وفي المنطقة الأوسع من البحر الأبيض المتوسط.

وفي هذا السياق، هناك إمكانات كبيرة لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين الهند ومصر. وتتوافق خبرة الهند في قطاعات مثل الدفاع والتكنولوجيا والأدوية والزراعة والطاقة المتجددة بشكل وثيق مع تطلعات مصر الاقتصادية. وعلاوة على ذلك، يمنح الموقع الجغرافي المتميز لمصر الهندَ أيضًا إمكانية الوصول إلى الأسواق الرئيسة في الشرق الأوسط وأوروبا وإفريقيا، مما يجعلها شريكًا تجاريًا مثاليًا لدلهي.

مصر لديها علاقات وثيقة للغاية مع الصين. كيف ستوازن علاقاتها مع الصين مقابل علاقاتها مع الهند؟

تعترف دلهي بمصر كبوابة حاسمة لإفريقيا، تتماشى مع وجهات نظر بكين وطوكيو وسيول. وعلى الرغم من قيام الشركات الصينية باستثمارات كبيرة في منطقة قناة السويس، إلا أن هيمنتها ليست منتشرة في جميع القطاعات. وبالإضافة إلى ذلك، تمتلك اليابان وكوريا والهند مصالحها الاقتصادية وقدراتها الخاصة بها التي يمكن أن تساهم في تحويل قناة السويس إلى مركز تصنيع، وتسهيل الوصول إلى الأسواق الإفريقية والاستفادة من مزايا منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية. ومع تقدم تنمية منطقة قناة السويس وحصولها على مزيد من التمويل، فإن الشركات الهندية لديها القدرة على اغتنام الفرص والمشاركة بنشاط في نموها – بشرط الحوافز التي تقدمها الحكومة المصرية.

والجدير بالذكر أن المناقشات جارية بالفعل بين الهند ومصر فيما يتعلق بإنشاء منطقة هندية في قناة السويس. وتهدف القاهرة إلى تعزيز قيمة قناة السويس من خلال جذب الاستثمارات من مصادر متنوعة وتعزيز التعاون الدولي.

اقرأ أيضًا: رئيس الوزراء مودي يعود إلى نيودلهي بعد زيارة تاريخية إلى الولايات المتحدة ومصر