تصدرت زيارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى بابوا غينيا الجديدة عناوين الصحف، ليس فقط في الهند بل في جميع أنحاء العالم. من المتوقع أن توفر الزيارة الأولى التي يقوم بها رئيس وزراء هندي إلى الدولة الجزرية الغنية بالموارد دفعة كبيرة للعلاقات الشاملة بين البلدين وذلك في وقت يتحول فيه التوجه الجيوسياسي نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ. والأهم من ذلك، أن زيارة مودي إلى بابوا غينيا الجديدة ستعزّز صوت الهند في منطقة المحيطين الهندي والهادئ مع احتواء نفوذ الصين.
وقالت قناة “إيه بي سي نيوز”: “إنها علامة واضحة أخرى على أن الصين ليست القوة العظمى الناشئة الوحيدة العازمة على بناء نفوذها عبر المحيط الهادئ”، مضيفة أنه مع تنامي قوة الهند، فإنها تريد أيضًا بناء روابط تجارية وتنموية وسياسية جديدة مع دول جزر المحيط الهادئ؛ لا سيما الدول الأكبر في المنطقة مثل بابوا غينيا الجديدة.
لقد وقّعت بابوا غينيا الجديدة وواشنطن اتفاقية دفاعية تسمح للقوات الأمريكية بالوصول إلى مطاراتها وموانئها، وهي خطوة اعتبرها الكثيرون بمثابة إجراء من قِبَل واشنطن لاحتواء نفوذ الصين المتزايد في المنطقة.
ومع شعار الحكم الذاتي الاستراتيجي للهند، تتطلع العديد من الدول الآن إلى تكامل أعمق مع نيودلهي.
وقال بول باركر، المدير التنفيذي لمعهد الشؤون الوطنية، وهو مركز أبحاث مستقل في بابوا غينيا الجديدة، لإحدى المؤسسات الإخبارية “الهند مصدر دولي بديل للطاقة، ومصدر اقتصادي، وهي أيضًا رائدة في دول حركة عدم الانحياز على مدى سنوات عديدة”.
كما تؤكد هذه الزيارة على دور الهند كصوت للجنوب العالمي.
وذكرت مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أن الدول الجزرية غالبًا ما تشعر بأنها مهجورة ومهملة خلال المناقشات الجيوسياسية المتعلقة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، لا سيما بشأن المبادرات التي تتعلق بها أو في المناطق القريبة من مياهها السيادية.
التعاون الاقتصادي
تسعى بابوا غينيا الجديدة، أكبر اقتصاد بين جزر المحيط الهادئ، بقوة إلى استثمارات أجنبية مباشرة خاصة في قطاع الموارد الطبيعية. وإن التعاون التجاري الأعمق مع البلدان الأخرى أيضًا هو ما تحتاج بابوا غينيا الجديدة إليه الآن. وإلى جانب الموارد الطبيعية في التعدين والنفط والغاز، يوفر قطاعا الغابات ومصايد الأسماك أيضًا فرصًا للمستثمرين.
ووفقًا لحكومة بابوا غينيا الجديدة، أيدت حملة “Take-Back PNG” لجيمس ماراب نهجًا عادلًا ومفتوحًا وجماعيًا في عمليات صنع القرار، لا سيما القرارات المتعلقة بالإدارة السليمة لموارد الدولة وعائدات الاستثمار.
ووسط الدعوات إلى تنويع شبكة سلسلة التوريد العالمية، يجب على الشركات الهندية أن تنظر إلى تعاون أكبر ليس فقط مع بابوا غينيا الجديدة ولكن مع دول أخرى مماثلة أيضًا.
وإن ارتباطات الهند مع بابوا غينيا الجديدة ليست جديدة. لقد قامت السفينة البحرية الهندية “ساهيادري” بقيادة الكابتن أنيل جاجي وعلى متنها أكثر من 200 من أفراد الطاقم، بزيارة ودية لمدة ثلاثة أيام إلى بورت مورسبي -عاصمة بابوا غينيا الجديدة- في يونيو عام 2017م. وفي عام 2016م، قام رئيس الهند الراحل بَرَاناب مُوخارجي بزيارة ميناء مورسبي. كما زار وفد مكون من 11 عضوًا من اتحاد الصناعة الهندية الدولة لتطوير العلاقات التجارية.
ومع ذلك، فإن الارتباطات السابقة كانت لها نتائج محدودة. “ولكن مع التوجهات الجيوسياسية المتغيرة، من المتوقع أن يكون لزيارة رئيس الوزراء مودي نتائج إيجابية بعيدة المدى” حسبما قال أحد أعضاء هيئة صناعية.