اتخذت الهند وبنغلاديش خطوات عملاقة لإعادة بناء الروابط المقطوعة بين البلدين وذلك لتعزيز الرخاء في المنطقة، في إطار قالِب تقدمي وشامل وديمقراطي.
اتخذ رئيس الوزراء ناريندرا مودي ونظيرته البنغلاديشية الشيخة حسينة بعض الخطوات التطلعية الملموسة من أجل تحقيق رؤيتهما المشتركة للتنمية السريعة، ورفض التطرف، وربط الاقتصادَين مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان).
كما وقّع البلدان، بحضور الزعيمين، سبع اتفاقيات من شأنها تعزيز التكامل الاقتصادي والاعتماد المتبادل الإيجابي. وكان الزعيمان يدركان تمامًا أن مساعيهم كانت لها أهمية تاريخية-تتمثل في تفكيك الضرر البنيوي الذي تسبب فيه المستعمرون البريطانيون الذين حطموا الوحدة الطبيعية لبنغال بإنشاء شرق باكستان. وركّز الزعيمان على قطاع الطاقة لإعادة بناء التكامل.
New Delhi |
India 🇮🇳 and Bangladesh 🇧🇩 today signed several Memorandum of Understanding & agreements at Hyderabad House where Bangladesh's PM Sheikh Hasina stated:
"India is moving forward towards attaining resolution made for #AtmaNirbharBharat or self-reliant Bharat" pic.twitter.com/felb0bOEer
— INDIA NARRATIVE (@india_narrative) September 6, 2022
افتتح الزعيمان عن بعد، الوحدة الأولى لمحطة مايتري للطاقة الحرارية الفائقة بقوة 1320 ميجاوات في رامبال في بنغلاديش، والتي يتم إنشاؤها كمشروع مشترك بين البلدين بتكلفة تقديرية تبلغ حوالي مليارَي دولار مع تقديم 1.6 مليارات دولار كمساعدة إنمائية هندية في إطار برنامج التمويل الميسر.
في وقت سابق، أكّد الملياردير الصناعي غوتام أداني بعد اجتماعه مع الشيخة حسينة، يوم الإثنين، على الحاجة لاستكمال خط النقل الذي يتم إنشاؤه كجزء من مشروع جُودا للطاقة بقدرة 1600 ميجاوات والذي سيستأنف الصادرات إلى بنغلاديش بحلول شهر ديسمبر. وكان من المتوقع أن يبدأ تشغيله بحلول عام 2021م، ولكن عمل المشروع تضرر بسبب مختلف القيود الناجمة عن فيروس كورونا منذ عام 2020م.
قال أداني في تغريدة: “نحن ملتزمون بإطلاق مشروع جودا للطاقة بقوة 1600 ميجاوات وخط النقل المخصص لبنغلاديش بحلول “يوم النصر”، الذي يصادف 16 ديسمبر 2022م”.
وحرصًا على الاستفادة من الأراضي البنغلاديشية للعبور إلى الشمال الشرقي أو تزويد المنطقة بالموانئ بما في ذلك مونغلا وتِشيتَاغُونغ، ناقش الزعيمان إطلاق خطوط السكك الحديدية “خُولْنَا-درشانا”، و”بارباتيبور-كَاونْيَا”.
يعد افتتاح خطوط سكك حديدية جديدة أمرًا حيويًا أيضًا نظرًا لأسباب جغرافية استراتيجية حيث سيؤدي العبور عبر بنغلاديش إلى تقليل اعتماد الهند على ممر “سِيليجُوري” الضيق الذي يربط بقيةَ البلاد مع الشمال الشرقي.
يُعدّ تقاسم مياه الأنهار مصدر قلق كبير، لأنه يؤثّر على سبل العيش في كلا البلدين. فبحضور الزعيمين، تم التوقيع على اتفاقية بشأن تقاسم مياه نهر كوشيارا. ومن المتوقع أن تفيد الاتفاقية الجزء الجنوبي من ولاية آسام ومنطقة سِيلهيت في بنغلاديش.
تبرز ثلاث نقاط مهمة من الاتفاقيات والحوار التي حدثت بين الزعيمين:
الأولى: تريد نيودلهي، من منظور هندي، أن تفوز الشيخة حسينة في الانتخابات المقبلة في بنغلاديش. وبالتالي، فإن القيادة الهندية ستبذل قصارى جهدها لدعم رئيسة الوزراء البنغلاديشية بشكل غير مباشر حتى يضمن شعب بنغلاديش أنها تظهر منتصرة.
الثانية: تدرك الهند تمامًا أن الشيخة حسينة هي بمثابة حصن ضد المنظمات الراديكالية المحلية والمنظمات الراديكالية المدعومة من الخارج، مثل: منظمة “حفاظتِ إسلام”. وتريد هذه الجماعات أن تحل قوميةٌ إسلامية محل القومية العلمانية في بنغلاديش. وكدولة مجاورة ذات حدود مشتركة، ترفض الهند بطبيعة الحال مثل هذه النتيجة.
الثالثة: لا تريد الهند النفوذ الساحق للصين في البلاد في وقت تُظهر فيه بكين تأكيدًا واضحًا ضد الهند في لداخ ومنطقة المحيط الهندي. أظهرت الشيخة حسينة قدرتها على تحقيق التوازن بين الهند والصين بطريقة تعزّز المصالح الوطنية لدكا. وإن التكامل الوثيق بين اقتصادات الهند وبنغلاديش، الذي عزّزه رئيسا الوزراء حسينة ومودي بدعم من تفاعل أكبر بين الناس، من شأنه أن يفيد بشكل كبير، قضية نيودلهي ودكا.